تقليل البصمة الكربونية

تعد البصمة الكربونية من بين المؤشرات التي تسمح  قياس تأثير البشر على المناخ بشكل ملموس. و جاءت بعد الجهود التي تبذلها دول العالم للتقليل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من أجل منع ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

معنى البصمة الكربونية

البصمة الكربونية هي مؤشر يقيس كمية انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المرتبطة بدولة أو نشاط أو شخص.حيث يتم حساب البصمة الكربونية لبلد ما على أساس انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من الإنتاج المحلي للبلد ، والانبعاثات المنزلية وكذلك الانبعاثات المرتبطة بالواردات.ويختلف الحساب عن تلك الخاصة بقوائم الجرد الوطنية التي تركز فقط على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المنبعثة داخل البلد. لذلك غالبًا ما يتم حساب البصمة الكربونية باستعمال نسبة ثاني أكسيد الكربون لأن ثاني أكسيد الكربون هو الغاز الأكثر انبعاثًا من قبل البشر والذي يساهم بشكل كبير في تغير المناخ.

البصمة الكربونية وأثرها على التغير المناخي

تستمر حرارة الكوكب في التسارع ويمكن أن يتجاوز +4 درجات (مقارنة بمستويات عام 1990) بحلول عام 2100 إذا لم نغير الطريقة التي نعيش بها. لكن كيف تعرف من أين تبدأ؟ ما هي الأنشطة التي تنبعث منها معظم الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتي يجب تقليلها أو حتى إيقافها؟

البصمة الكربونية هي الأداة التي تم إنشاؤها لهذا الغرض: إنها وحدة قياس تأثير الأنشطة البشرية على تغير المناخ. حيث يعتبر ثاني أكسيد الكربون الغاز الأكثر تأثيرا على المناخ، فهو ينبعث أثناء احتراق الوقود الأحفوري (النفط والغاز والفحم). على الرغم من أن ثاني أكسيد الكربون هو الأكثر انتشارًا ، إلا أنه ليس الوحيد الناتج عن الأنشطة البشرية. يأخذ قياس البصمة الكربونية أيضًا في الاعتبار الميثان (الذي له قوة تسخين أكبر 25 مرة) ، وأكسيد النيتروز (300 مرة أكثر) ، ومركبات الكربون الهيدروفلورية ، ومركبات الكربون المشبعة بالفلور ، وسداسي فلوريد الكبريت! ترجع انبعاثات هذه الغازات الثلاثة الأخيرة المفلورة بشكل أساسي إلى استخدام المعدات للحفاظ على البرودة.

أسباب البصمة الكربونية

في مواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ، يجب على دول العالم عكس منحنى انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بسرعة على نطاق كوكب الأرض ، وإلا فإن الظروف المؤاتية لمستقبل “صالح للعيش” على الأرض سوف تتعرض للخطر.للمساعدة في تحقيق هذه المهمة ، تم وضع مؤشرات لفهم تأثير البشر على المناخ بشكل أفضل. وبالتالي، فإن هذه الأدوات تجعل من الممكن رؤية كيف يلوث بلد أو نشاط أو شخص ما، وتطوره مقارنة بالسنوات السابقة ونقاط التحسين. أحد هذه المؤشرات هو البصمة الكربونية.

كيفية حساب البصمة الكربونية

هناك العديد من الطرق لحساب البصمة الكربونية، لهذا قامت بعض الدول بوضع صيغ ومواقع وايضا شركات لحسابها. لذلك وضعت منظمة الأمم المتحدة تطبيق مجاني خاص بها وهو UN Carbon Footprint Calculator. كما توجد بعض المواقع والتطبيقات المخصصة لنوع من الأنشطة على سبيل المثال Plastic Footprint Calculator التى تسمح بحساب كمية التلوث المنبعث عن البلاستيك، وأيضا Food Emissions Calculator حساب التكلفة البيئية الناتجة عن الطعام. 

البصمة الكربونية الرقمية

.يتطلب القطاع الرقمي الكثير من الطاقة للعمل، فهو مستهلك رئيسي للموارد الطبيعية غير المتجددة. حيث  لو كانت الإنترنت دولة، لكانت ثالث أكبر مستهلك للكهرباء في العالم بعد الصين والولايات المتحدة. لأنه يستهلك من 7 إلى 10٪ من الكهرباء في العالم.  

الأجهزة الإلكترونية

تعتبر صناعة الأجهزة الإلكترونية الصناعة الأكثر تلويثا في العالم وفقًا للأرقام التي نشرتها دراسة GreenIT  في أكتوبر 2019 ، حيث يبلغ إنتاجها 34 مليار هاتف ذكي وحاسب ووحدات تحكم ألعاب.مما يجعلها تحتل المركز الأول في تلويث كوكبنا. يتطلب إنتاج جرام واحد من الهاتف الذكي طاقة تزيد بمقدار 80 مرة عن جرام واحد من السيارة.

35٪ من انبعاثات الغازات الدفيئة الرقمية ستعزى إلى تصنيع محطات المستخدم في عام 2025. تزداد كثافة الطاقة في الصناعة الرقمية بمعدل 4٪ سنويًا.

نفايات الهواتف الذكية

تنتج بقايا الهواتف الذكية وحدها 39٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في المجال الرقمي . كما أنها تساهم بنسبة 76٪ في استنفاد الموارد الطبيعية غير المتجددة في العالم. 94٪ من سكان الأرض يملكون هاتفًا ذكيًا  ولكن فقط  5٪ منهم يقومون بإعادة تدويره. يقدر عدد الهواتف المحمولة غير المستخدمة بمئات الملايين.

يتوقع أن يكون عدد الهواتف المحمولة في عام 2025 إلى ما يقارب  48 مليار مع تأثير بيئي أكبر بثلاث مرات مما كان عليه في عام 2010.

التلوث الرقمي لرسائل البريد الإلكتروني

أصبح البريد الإلكتروني ّأسرع وسيلة للتواصل في عصرنا الحالي، ولكن استخدامه لا يخلو من عواقب على البيئة. إذا كان مصحوبًا بمرفق 1 ميجا بايت، يرسل البريد الإلكتروني 19 جرامًا من Co2. هذا التأثير الذي يتم الحصول عليه بشكل فردي منخفض، ولكن عندما نعلم أنه يتم إرسال 34 مليون بريد إلكتروني كل ساعة، دون احتساب البريد العشوائي، تصبح العواقب وخيمة. وهذا يعادل 14 طنًا من النفط. يؤدي إرسال 12.3 رسالة بريد إلكتروني يوميًا لمدة عام (4500 بريد إلكتروني) إلى تلويث قدر السفر لمسافة 100 كيلومتر بالسيارة (18 كجم من ثاني أكسيد الكربون لكل 100 كيلومتر.ومن هذا نجد أن البريد الإلكتروني يستهلك في المتوسط 4 جرام من ثاني أكسيد الكربون . إذا أرسل الفرد عشرات الرسائل الإلكترونية يوميًا لمدة عام ، سوف يستهلك ما مجموعه 17.9 كجم من ثاني أكسيد الكربون.

أحد الحلول التي يمكننا أن نقدمها لك للتقليل من التلوث الرقمي هو استخدام منظف صندوق البريد لحذف الرسائل الإخبارية غير الضرورية.

التلوث الرقمي لمراكز البيانات والاستضافة

تستهلك مراكز البيانات في المتوسط 5.15 ميجاوات ساعة / متر مربع / سنة . باختصار، يستهلك مركز البيانات الذي تبلغ مساحته 10000 متر مربع في المتوسط ما يستهلكه مدينة يبلغ عدد سكانها 50000 نسمة. و 40٪ من هذا الاستهلاك من الكهرباء يستخدم فقط لتبريدها. في المتوسط ، يستخدم مركز البيانات اليوم بشكل مستمر حوالي 2 كيلوواط لكل متر مربع. وعلى مساحة 500 متر مربع ، يتم استهلاك 1 ميغاواط بشكل مستمر، أو سنويًا ما يعادل الطاقة الكهربائية المستخدمة من قبل أكثر من 1000 أسرة.

تقليل البصمة الكربونية

توجد العديد من الطرق لتقليل البصمة الكربونية، وهي تعتمد بالأساس على السلوك الفردي وعادته بالالتزام بها يمكن أن نغير مصير الأرض.

سيارة بصمة الكربون

تعتبر السيارات من أهم مصادر البصمة الكربونية. يأتي هذا التأثير من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من المركبات ، فضلاً عن استيرادها. من الممكن معرفة معدل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لسيارتك بطرق مختلفة. أولاً، بفضل الملصقات العامة الإلزامية للمركبات الجديدة. وبالتالي، يمكن للفرد معرفة متوسط استهلاك الوقود ونسبة الطاقة / ثاني أكسيد الكربون (أي معدل ثاني أكسيد الكربون المنبعث لكل كيلومتر) من سيارته. بطاقة تسجيل السيارة، سواء كانت جديدة أو مستعملة، تجعل من الممكن أيضًا معرفة معدل انبعاث ثاني أكسيد الكربون من السيارة.

يمكن أن يكون الحل أيضًا اختيار سيارة كهربائية أو هجينة ، والتي تلوث أقل من السيارات الحرارية.

وسائل النقل والسفر

بالنسبة للأفراد ، يمثل السفر جزءًا كبيرًا من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. لذلك ، يمكن أن يكون تغيير العادات في النقل حلاً لتقليل تأثيره على البيئة:

• اختر القطار بدلاً من الطائرة: الطائرة هي أكثر وسائل النقل تلويثًا. إذا كان ذلك ممكنًا ، فمن الأفضل تفضيل القطار للقيام برحلتك. في حالة عدم إمكانية القيام بهذه الرحلة إلا عن طريق الجو ، يجب إعطاء الأفضلية للرحلات المباشرة التي تتجنب الإفراط في استهلاك الكيروسين أثناء الإقلاع والهبوط .
• اختر الدراجة أو وسيلة النقل العام: التنقل بالدراجة، أو اختيار النقل العام بدلاً من السيارة الخاصة، هي طرق بسيطة لتقليل تأثيرك على البيئة.
• اختيار مشاركة السيارات: يؤدي مضاعفة عدد الركاب في السيارة إلى تقليل كمية ثاني أكسيد الكربون لكل راكب. بالإضافة إلى ذلك ، يتم أيضًا تقليل مخاطر الاختناقات المرورية ، فضلاً عن التلوث الناجم عنها.

.

تغيير عادات الاستهلاك

لتقليل البصمة الكربونية، من الضروري مراجعة بعض عادات الاستهلاك. حيث يمكن اعتماد الحاسبات والإرشادات البيئية على أساس يومي للحد من الهذر ووقف الإفراط في الاستهلاك. ومن بين هذه الحلول الفعالة يجب اختيار  الطاقة الخضراء من الموارد المتجددة في المنزل مثل استعمال الطاقة الشمسية لمختلف الآلات يوجب العديد من الشركات التي تمنح هذه الخدمة. ويجب فرز النفايات وإعادة تدويرها؛ لذلك يجب اختيار المنتجات المستعملة أو المجددة بدلاً من المنتجات الجديدة. أيضا علينا قم تبديل إلى الوقود الحيوي حيث صار من الممكن العثور على نوعين رئيسيين من الوقود الحيوي المدمجين في الديزل: FAME (حمض ميثيل إستر الدهني) و HVO (زيت نباتي مهدرج).وتسمى موارد الطاقة الخضراء  لأنها تتكون من زيوت نباتية أو دهون حيوانية.

الشاحنات والسيارات الهجينة والكهربائية

تعتبر من أفضل الحلول  حيث تتميز الشاحنات والسيارات  الكهربائية والهجينة بانبعاث كمية صغيرة فقط من ثاني أكسيد الكربون. وبذلك يكون مؤشر التلوث الخاص بهم أقل بكثير من النماذج الأحفورية. ومع ذلك ، فإن السيارات الهجينة أو الكهربائية أغلى بكثير من الديزل أو البنزين.